الاثنين، 27 مايو 2013

مقالى التاسع .. وهم الإنسان والإله

منذُ أيام وأنا أغوص فى بحرِ عميقِ أبحث فيه عن مفاهيمِ جديدة للحياة .. فى ظل تلك الرحلة مررتُ بالكثير من الأسئلة والصدمات والذهول والتعجب مما رأيت فى أعماق هذا البحر .. رأيتُ أشكالأ وألواناً لم أرها فى حياتى من قبل فى ظل الأبيض والأسود والرمادى المهيمنين على حياة الغالبية من البشر .. ألوانٌ تشع من الضوء ما يجعلك ترى بشكل أفضل .. تنظر برؤية مختلفة .. وكانت رؤية الله هى الفارقة .. نعم رأيت الله بألوانٌ جديدة غير تلك الألوان السقيمة العقيمة التى تجعلك كالأعمى .. الله كان مُتأثراً بما يحدث فى الأرض لم يكن يتوقع أن تصير البشرية بهذا الغباء الساحق .. لم يكن يتخيل أن الإنسان يراه بتلك الصورة المفجعة .. لقد رأى الله الناس تتشدق برحمته وتأمل جنته بدون عمل آملين فى تلك الرحمة ونسوا كلمة العدل .. لقد رآهم إعتمدوا على كلمة الله وإتكلوا عليها فأصبحوا كالحمار يحمل أسفاره .. أصبحوا مُسيرين لا مخيرين .. زرعوا بأنفسهم فكرة أن الله يتحكم بهم وبأفعالهم فى كل شىء .. ولم يفكروا يوماً بسؤال وإذا كان كل عمل نقوم به هو من عند الله ونحن مسيرون فيه فلماذا إذن سنحاسب على تلك الأفعال طالما لم نكن مخيرين فيها ؟ .. لقد فقد الناس إيمانهم بأنفسهم .. شعروا بالضعف والوهن والجهل .. فأرادوا الهروب من الحقيقة فألقوا بالأعذار والأسباب على المشيئة الإلهية ليخرجوا هم كالحمار الذى يحمل أسفاره .. وكأن هذا الإله قد خلقهم عبثاً .. الإله هو جوهر روح الإنسان  فإذا كان الإنسان كذا فسيرى الإله كذا وإذا كان الإنسان كذلك سيرى الإله كذلك .. وهنا تقع المفارقة الكبرى فتجد سلاطين الأمم وحكمامهم يعبثون بالإرادة الإلهية ليتحكموا بها من داخل عقول البشر .. ويُمجدون ويضعون أنفسهم فى هذا المنصب بمشيئة الإله ولولا الإله لما كانوا هنا ولو كان الإله يراهم شراً للأمة لما كانوا هنا .. الإله ليس له علاقة بذلك المنطق الحقير .. وأى إله هذا الذى يرضى بظلم الحاكم وجوره .. أى إله هذا الذى جعل الناس تحارب الحاكم بالصلاة والدعاء فى المساجد والكنائس .. وتركوا أهم قاعدة " لكل سبب نتيجة " أى أن الإنسان إذا لم يقاوم الظلم وظل يتعبد فقط فهو يستحق الظلم والجور عليه لأنه تخلى عن الإنسان بداخله تخلى عن مبدأ وجوده تخلى عن قيمة الحياة .. رأيت الناس يدافعون بالدين عن الدين وبالدين عن كل شىء وهم أكثر الناس ظلماً لأنفسهم وبعداً عنها وجهلاً بها .. لقد أعطى هذا الإله الناس حرية إختيار فى كل شىء فلا أعلم سر التبلد واللامبالاة والإتكالية التى سيطرت على عقول الناس وترك الأمر كله لهذا الإله .. هذا الوهم ليس إلا قتل الإنسان بداخلك أنت المتحكم الأول والأخير فى حياتك وليس الله .. واذا كنت تؤمن بأن هذا الإله قد وضع سنن وقوانين لهذا العالم الفسيح من حولنا وهذا الكون الممتدد إلا ما لانهاية حتى الآن والذى لا يستطيع أن يدركه عقلك المحدود فذلك الإيمان يدعوك للإختيار والحرية فى كل أفعالك .. فلُتيقظ الإنسان بداخلك وإلا تترك نفسك تتعفن وتموت .

مقالى التاسع - سلسلة إنسانيات - بعنوان " وهم الإنسان والإله "

الجمعة، 24 مايو 2013

إندثرت الحقيقة وسط غيوم الأكاذيب .. أوهام مُنظمة .. أحاديث مُلفقة .. كلمات مُنمقة .. معلومات مُفبركة .. كيف بعد كل هذا يمكن أن ترى الحقيقة أو أن تستشفها ؟ لا تقُل لى إنها واضحة .. كيف تكون واضحة وأنت لا تفكر ؟ ..  بُنيان عقلك فى الأساس معتمد على أوهام فى كل شىء أخطأت تقديراتك فى كل شىء .. الحقيقة لها عناوين كثيرة .. العدالة لها وجوه أكثر .. كل منهم يستحيل أن تستشفه بسهولة وأنت جالس تشاهد وتسمع فقط .. لقد حُرفت الحياة بكل معانيها .. فقدت معناها الإنسانى .. عُقول عاهرة تنطق فى كل مكان عن الحق والعدل .. أين الحق ؟ وما هو العدل ؟ .. الجميع يتحدث ويتمنى ولكن ، مافائدة الأمانى والعقل متوقف .. حلمه ضيق ؟ حَدثونى عن الإخلاص ولم أعرف معناه .. حَدثونى عن الحب وتاه وسط الأوهام .. حَدثونى عن التقوى والفضيلة ولم أجدهم إلا فى سير الأنبياء والرسل والفلاسفة ؟ وهل الأنبياء والرسل معصومون من الخطأ ؟ أليس الفلاسفة كانوا أكثر عمقاً فى الوصول لإجابات وتعليم البشر الفضيلة أكثر من الأنبياء ؟ حَدثونى عن الأديان وفضلها على العالمين فوجدتها تحولت لسبيل يستخدمها كل ناعق لتدمير الأرض والبشر بإسم الإله والدين والحق ؟ أى إله ؟ وأى دين ؟ وأى حق ؟ لقد إمتلأت الأرض دماءاً بإسم الإله الواحد .. بإسم المسيح .. بإسم الإسلام .. أى إنسان تبحثون عنه فى وسط هذه الدماء المُبعثَرة .. ألم يكنْ من الأجدى أن نبحث عن أنفسنا ونكتفى بالبحث عن الإله ؟ ألم نكتفى بإراقة دماء الإنسان والحيوان والكائنات التى تعيش معنا ؟ .. ألم يكفينا عبثاً .. أم أصبحنا لا نستطيع أن نحيا إلا فى العبث منه وإليه ؟ .. " الأرض " هو إسم كوكب الدمار الموجود بين مجموعة كواكب أخرى تدور فى فلك نجم متوسط يبعث لها ضوءاً وحرارة وحياة وهو الوحيد الذى تدمر فيه البشرية نفسنا ومن معها .. جاءت الأديان لتكرم الإنسان وتجعله يؤمن بإله واحد ! .. ألم تأتى للإنسان العاقل المُفكر والمُتخيل المُبدع لتحثه على تشغيل العقل .. الهبة الممنوحة من هذا الإله الواحد .. أم أتت لجعله يؤمن بأشياء ومعجزات خارقة ويقفز خارج عقله بتلك الأشياء التى لا يقبلها عقل الإنسان .. إذا جاءت بذلك فإنها تلغى الميزة الوحيدة التى جعلت من الإنسان مختلفاً عن الكائنات التى يعيش معها وتضعه فى مرتبة النملة أو الصرصار أو الذبابة .. ألم توضع نصوص الأديان على كوكب الأرض بأيدى بشرية أم تم صياغتها فى السماء بأيدى الملائكة جنود الله ثم أُرسلت للأنبياء ليفرضوها كما هى على البشر ؟ .. لقد جاءتنا أخبار الأمم منذ قرون قدسنا منها ما قدسنا وعبدنا ما عبدنا وآمنا بما آمنا ولم نفكر يوماً فى البحث عن حقيقة تلك الأمم والأخبار والروايات والأحاديث .. إكتفينا بالقبول .. وتركنا النقد والبحث .. لذلك أصبحنا أكثر أمم الأرض تخلفاً ونطاعة .. إندثرت الحقيقة وسط غُيوم الأكاذيب .. أوهام مُنظمة .. أحاديث مُلفقة .. كلمات مُنمقة .. معلومات مُفبركة .. عقل مُتوقف يخاف من التفكير ويُفضل حالة اللاتفكير التى يعيش فيها .. لقد فقدت الإنسانية معنا هنا أغلى ما تملك وتتجه نجو الإنهيار الذاتى المحقق .. عفوا سأخرج عن النص من هنا .. لن أعود إلى نصوص الأكاذيب .

مقالى الثامن - عقولٌ عفنة  - سلسلة إنسانيات - 24/5/2013

الأحد، 19 مايو 2013

لمست بخاطرى أحاسيس الضياع والتيه والبعد عن ذاتى وإنسانيتى وما وجدت إلا البؤس وعندما نظرت بأعينى باحثٌ عن نفسى وذاتى وإنسانى المدفون صُدمت من هول ما رأيت لقد رأيت نفسى فى عصور الجاهلية ، ولكن بدون صحراء ورمال وعبيد سود وسبايا وإماء وخمر ونساء ! .. رأيت جاهلية أكثر فتكاً بعقل المسلمين وما ينادوا به جاهلية تعود بهم إلى الوثنية بل وأشد وثنية من الوثنيات التقليدية فى تاريخ الأديان والزمان .. لم أجد مفر من البحث بنفسى فى هذا الدين العريق ونبيه الصادق .. رأيت هذا الإسلام نفسه كان واضحاً تمام الوضوح فى قصر القدسية والعصمة على كيان واحد فى الوجود هو : " الذات الإلهية " ، ولكن أى ذات إلهية يراها هؤلاء المسلمين ؟ .. وجدته ينعى الوثنيات والشركيات والراكنين إلى ما وجدوا عليه آبائهم الأولين .. فشعرت أنى واقف فى مكة أشاهد قصة التنزيل بنفسى .. رأيت الله يخاطب محمداً بكل صفات العبد التام العبودية وأنه مجرد حامل رسالة ليس أكثر فلا هو رب ولا هو ملك ولا هو معصوم عن بشريته ؛ لأن المعصوم هو الكمال الإلهى وحده .. مع ذلك رأيتهم بعينى يعطوه أعلى صفات الألوهية والعصمة والكمال وتناسوا الوحى وتدخله المستمر لإصلاح مسار أو قرارات أو مواقف أو تشريعات أخطأ فيها النبى ببشريته وفطرته .. رأيت محمداً عليه الصلاة والسلام هو عبد من عباد الرحمن ونبى كريم أدى الرسالة المكلف بها كاملة .. رأيته يخاف ربه من أى قدسية تلحقه شخصيا إذا ما حفظ المسلمون كلامه ( حديثه ) إلى جوار الكتاب الذى آتى به " القرآن " كلمة الله التامة ..  فَنهى الناس عن تدوين حديثه وأمر بوضوح لا يشوبه غموض " لا تكتبوا عنى سوى القرآن " .. لقد خالفوه هذا الذى يقدسوه .. وأى ظلم للنفس ؟ وأى كبر لديهم ؟ وهل يمتلكون عقلاً أم نزعهم الله إياه ليتركهم فى غياهب التيه ؟ .. سمحوا لأنفسهم بالتدوين عن ما نهاهم .. وما نطق عن الهوى .. لقد أخرجوا نزعاتهم الشريرة لقمع البشرية الجديدة التى تدين بالإسلام وفتحوا الباب لإختلاق أحاديث مكذوبة لا يقبلها أى عقل ونسبوها إليه .. أى غرور هذا ؟ وأى سلطان هذا ؟ أى فقهاء هم ؟ قاتلهم الله .. ولم يكتفوا بذلك وأعلنوا بعدما إعتنقوا وثنيتهم إضفاء على الأحاديث قدسية فى المذهب السنى ترفعها فوق القرآن كرامةً وفعلاً وقدسية .. لقد قالوا إنها تنسخ القرآن .. اى قرآن هذا ؟ وأى أحاديث هذه ؟ وأى مسلمون أنتم ؟ مسلمون لمن ؟ لم يكتفوا بل أعلنوا الوثنية بضرواة أكثر ليضربوا عقل الإنسان فى مقتل فأطلقوا القدسية على من لا قدسية لهم من بشر كالصحابة مثل أبى بكر وعمر وعثمان وعلى وغيرهم أو كالمحدثين مثل البخارى أو الإخباريين كإبن كثير حتى وصل التقديس للشعراوى نفسه .. لقد تعبت أنفاسى من التنهيدات ولكن أريد الحقيقة أريد ولو جزء من الحقيقة يبقينى حياً .. إتركوا لى نفسى وعقلى بعيداً عنكم أيها الوثنين فأنا أعبد رب هذا الكون اللامحدود بنفسى ولا حاجة لى بكم ولا يوثنيتكم .. إن الله لا يسكن فى المعابد والمساجد إنه يسكن فى خلاياك فى وريدك ودمائك .. يسكن فيك يا إنسان .. وماذا سترى ؟ وكيف سترى ؟وأنت لا ترى نفسك الذليلة .. عفواً سأسير وحدى بعيداً .

السبت، 18 مايو 2013

وذهبت إلى أعماق أعماقى فوجدت هذا الوثنى عابد الحجر والبشر يستفحل غباؤه وكبره الفارغ .. ماذا يجب أن أفعل ؟ إننى أشبه هؤلاء الذين وُجِدُوا على دين آبائهم وأجدادهم وهم مؤمنون إيماناً لا يقبل الشك بآالهتهم وأصنامهم .. هؤلاء الذين حاربوا الأنبياء المؤمنين !
ماذا يفرقنى أنا الذى بأول نفس يدخل رئتى بدأت معاناتى ولم لا وأنا الإنسان البائس التائه الضائع فى ملكوت السماوات والأرض يبحث عن نفسه التى لا يراها .. سرت فى الأرض حتى تشقق جلدى وأصبحت واهناً .. من أنا ؟ أين الله ؟ أين الإنسان ؟ ماهو الدين ؟ وما هؤلاء الأنبياء ؟ وما هؤلاء الناس ؟ ألذلك خُلقنا ؟ ألتلك المعاناة وُجدنا؟ شرايين قلبى تنتفض مع كل زفرة نفس تخرج منى باحثة عنى .. عقلى يطلق صفارات إنذار لا أعلم إن كانت دليل على تخطى الحدود ، ولكن أى حدود ؟ أهى حدود التفكير العقلانى أم حدود الضعف الإنسانى ؟ طعنات وصرخات تجتاح وجدانى كلما فكرت أكثر وقرأت أكثر وتعلمت أكثر وأدركت جوانب الحقيقة ؟ وأى حقيقة تلك التى نراها فى حياتنا ؟ فالجميع يعيش على أوهام الإيمان واليقين ولا أحد يريد أن يرى الحقيقة ، وما الحقيقة إلا الواقع المؤلم المرير الذى نتحاشاه لكى نعبر مرحلة السقوط ونخترع أوهامنا بأنفسنا ، نحن مزيفون مخدوعون نائمون تائهون عائشون ميتون .. كيف تركت نفسى كل هذا الوقت لوهم إسمه الدين والتدين المزيف الذى يلغينى ويغيبنى عن حقيقتى الأساسية أننى إنسان بشر الطيبة والخير عنوانى الأزلى وما هذا التدين إلا إلغاءاً لجمال الإنسان فىَّ وزرع الشر والتعصب والجهل .. على ماذا التعصب وإلى ماذا وعن ماذا ؟ لا أعلم إلا أنه الوهم المحدق بى وبهم ، مجتمع الموهومين السائرين نياماً ، يحدثوننى عن الدين وفضل الآخرة والحياة الآخرى ويتناسون الحياة الحالية .. يفضلون الكآبة والملل والرتابة والإنعزال حتى يجدوا الراحة والجنة والمتعة والسعادة فى الآخرة ؟ أى آخرة التى ستعطيكم هذا وأنتم تدمرون أنفسكم هنا فى الحياة الأولى ؟ كيف تتخيلون أنكم بقتلكم للإنسان فيكم ستجدون ما تشتهون فى حياتكم الآخرى التى تنتظرونها ؟ وأى إنسان هذا الذى تقتلون وتعبثون بغرائزه إنكم تطلقون كل أسلحتكم للفتك به فى سبيل ماذا ؟ بماذا تختلفون عن الوثنين ؟ لا شىء . هم يعبدون الحجر والقمر والشمس وفرعون فى الجاهلية وأنتم تعبدون الحجر والبشر ونسيتم الله فى الجاهلية أيضاً .. جاهلية التكنولوجيا والعلم .. الله الذى تحاولون لصق صفاته بدينكم هو برىء منكم ومن تلك الاديان الوثنية العبثية التى تنثروها علينا ممجدين كل ما فيها مكفرين لكل ناقد لها وباحث فيها .. إن الله يتجسد فى الإنسان وما وجدت الأديان إلا للبحث عن الإنسان .. وأنت أضعتم الأديان وأضعتم الإنسان وأضعتم طريق الله وأضعتم أنفسكم .. ساسير فى الأرض لأتأمل كم الخراب الذى صنعتموه وأستكمل معاناتى الأزلية .

سأترك لكم العنوان تضعوه بأنفسكم .

الجمعة، 17 مايو 2013

مقالى الخامس - سلسلة إنسانيات - 17/5/2103
 
من أنت ؟ نعم أنت الذى تقرأ كلماتى الآن وينتابك شعوراً بالضيق عند النظر للمقال فتجده طويلاً يضيع منك 3 دقائق فى رحلة عبثك بالفيس بوك فتتردد أن تكمل القراءة أو تترك تلك الكلمات وتمضى لإستكمال عبث الفيس بوك ، سؤالى هذا ليست إجابته تعريف نفسك بإسمك وسنك وجنسك وخلافه من تلك الترهات الفارغة التى لا تغنِ ولا تسمن كونك لا تعرف من أنت فتلك فى حد ذاتها معضلة وجودية تنتهى بك إلى العبث فى كل حياتك حيث ستقضى حياتك بدون هدف واضح بدون دليل بدون معنى غير تلك المعانى الهاوية الساقطة التى تبعدك أكثر عن كونك إنسان مثل الوظيفة البيروقراطية المملة والزواج من أجل التكاثر والمتعة وبعض الملذات الأخرى ، يقول ممفورد " إذا تحول المجتمع إلى آلة كلية كبيرة تدار إدارة مركزية فإنه يصبح من المستحيل تقريباً تجبن الفاشية فى المدى البعيد للأسباب الآتية :
(-) يصبح الناس قطيعاً من الغنم ويفقدون القدرة على التفكير النقدى ويشعرون بالعجز ويصابون بالسلبية ويتطلعون لظهور زعيم يدلهم على ما يفعلون ويعرف ما لا يعرفون .
(-) يستطيع أى شخص تمكنه الظروف من الإمساك بالآلة أن يديرها ولن يكلفه ذلك إلا مجرد الضغط على الأزرار المناسبة وما أسهل على شخص متوسط الذكاء والقدرات أن يدير الآلة البيروقراطية بمجرد أن يوضع على الكرسى "
.. حضرتك من المفترض أنك فرد من أفراد وجماعات تحدد شكل وسلوك عام لهذا المجتمع إذا كنت خروفاً فى قطيع فسيكون مجتمع خراف وإذا كنت حراً تعرف نفسك وتحاول أن ترى الحقيقة بعين من التجرد والإنصاف فسيكون مجتمعاً ناقداً متقدماً تعلو مصلحة الفرد والجماعة فيه على مصلحة من يتحكمون بأموره .. عندما تتحدث وتنحاز إلى فصيل مجتمعى إلى درجة تصل إلى أن ينتهى الود والتواصل من أجل إختلاف فى الفكر فأنت عنصرى وإذا كنت ترى المسيحى أو اليهودى أو البوذى على درجة أقل إيماناً منك فأنت عنصرى وإذا كنت تنظر إلى الأنثى على أنها كائن ناقص فأنت عنصرى ، العنصرية هى أن ترى فى نفسك الأفضلية فى الإيمان والدين والجنس واللون والعرق على من يعيش معك على هذا الكوكب وهذه هى قمة السذاجة لأنك تخرج من إطار الإنسانية البشرية الواحدة التى خلقت جميعها على الأرض لترى فى نفسك مخلوقاً أعلى من الجميع بأى أفضلية تراها لنفسك سواء بدينك بلونك بجنسك متناسياً أنك وجدت لسبب ما .. ووجودك مع الحيوانات والحشرات والفيروسات ليست عبثاً ولكنه لسبب ولولاهم لما كنت موجود ولولا الطحالب لما كان كوكبنا به غاز الأكسجين الذى ساعد على تطور الكائنات وساعدك على الوجود ، أما الظاهرة التى دمرت الكوكب والإنسانية هى الحروب بإسم الدين والتعصب الدينى الذى لا نهاية له إلا الخراب والدمار من بداية التاريخ وهو أشد الأمور فتكاً بالصفة الإنسانية البشرية التى حُيينا بها ، يقول هيجل " إنه لا يجب أن يقتصر الدين على العقائد الجامدة ولا يجوز تعلمه من الكتب لا يجب أن يكون لاهوتياً بل بالأحرى أن يكون قوة حية تزدهر فى الحياة الواقعية للشعب ، أى فى عاداته وتقاليده وأعماله وإحتفالاته ، يجب ألا يكون الدين أخرويا ( متعلقاً بالآخرة بل دنيوياً إنسانياً وعليه أن يمجد الفرح والحياة الأرضية لا الألم والعذاب وجحيم الحياة الأخرى " ، الأديان شُرعت لتعريف الإنسان بنفسه وبحثه عن ذاته ووجوده على الأرض وإذا إختل هذا المفهوم إختلت الحياة على الكوكب وتاه الإنسان خارج نفسه وضل طريق وجوده وشقى وتعس ، لذلك الخطوة الأولى هو أن تبحث عن الإنسان فيك عن الضحكة عن البراءة عن الطيبة عن الجمال عن الحب عن الناس عن العطاء كل شىء بسيط  ، وستعرف حينها أنك إنسان .

الخميس، 16 مايو 2013



أمْسكَتْ ذراعيه وهو يمضى مُرتحلاً عنها .. تُعاتبه بنظراتها الحانيةِ ودموعها تسبِقها إليه .. تُحاول أن تتدارك الخطأْ وتُطبِق على يديه بِرقةِ قائلة : لا تذهب فأنا بحاجة إليك .. خفقَ قلبهُ بشدة حائراً مُعاتباً إياها فى صمت عقلهِ " تبغين قلباً تملكيه وليس قلباً تسكنيه ، تركتيِ صداقة حُبى ، أفقدينى إهتمامى لكِ، حاولت كثيراً أن أمنعك من السقوط فى الوهم ولكنكِ تُصرين على ذلك ، أُحبك ولكن أردتٍ رجلا بقلب ينبض وانا قلب خُلق له رجل .. العتاب يتحرر من بين النظرات .. أيديهم المتلاصقة تتفاعلُ بشدة .. لحظةُ صمتُ تريدُ هى أن تتوقف الحياة هنا وتعود من جديد .. عينيه تنظُران إلي مِقلتيها فى شجنِ عميقِ على ما آلت إليه حياتهما .. يُريدها أن تتكلم .. أن تقولَ شيئاً لعله يُراجع نفسه .. تُعاتبه بنظراتها .. مُتحدثة إلى نفسها : عِشقى لكَ هو سبب غِيرتىْ الشديدة عليك ، أهتمُ بكْ أكثر من نفسى ، لا أتنفسُ إلا مِنك ، لا أحيا إلا لك ، أرجوك لا أُريد إلا بعض الإهتمام والحنان ، أفتقِدُك دائماً وأحن إليك .. يرمقها بنظرة أخيرة مليئة بالحزن ثم يقول أحببتُك ولكن ! ،تنهمرُ دموعِها بغزارة .. تُلقى بجسدِها بين أضلاعه تُعانقه " إنه العناق الأزلى منذ أن خلقت البشرية " .. يَمسحُ على رأسها بِحنوِِ رقيقِ ثمْ يَترُكها ويمضى بعيداً .


"تائهُ فى بحور الكتب .. باحثاً عن ذاته .. حالِماً يتوقف لحظات .. ينتابهُ تَشوش ذهنى حادْ .. يَقذِف به إلى بُحور الشكْ الأزلىْ .. تسقُط لديه كل المُسلمات التى طالما ظلت يقينية فى وعيهِ .. يظل حائراً مُتسائلاً مُتعجباً من مَدى جَهلهِ كُلما تَعمق أكثر .. يتوقف لحظات أُخرى مُحاوِلاً أن يُدرك حاله .. مُلملِماً أوراق ذاكرتهُ الصماءُ .. ينتابهُ ذلك التشوّش مُجدداً .. مُصاحباً رهبة العدمْ .. لايجد مفراً من صدماتِِ مدمرةِِ داخل عقله تَقتحم عليه لحظاتِ الهدوء لُتعيده إلى بُحورِ القلقِ والشكِ ..فاقداً هو لمعنى اليقين .. تاركاً حوله أسئلة لا تتوقف عن الدوران بخلايا عقله .. هارباً من إجاباتِ صادمةِ .. متسائلاً عن دورهِ فى الحياة .. مُتناسياً وجوده الأصلى .. كارهاً لكل يقين مجانى حوله داخل عقول الناس .. مُتأملاً سماء ليلتهُ الصافيةُ .. هائماً فى نور قمرهِ وهالته البيضاء .. متنقلاً بنظراتهِ لِنجوم الكونْ .. عالماً بعظمة هذا الخالق .. مدركاً لوجوده بين ثناياه قريباً منه برحمتهِ .. راجياً منه الهدى ثم يمضى طريقه إلى نصف الموت فى هدوء .. مُنتظراً يوماً جديداً حائراً .."
" عِندما كان مراهقاً "

تذَكّر وقت ما كان أبيضَ القلبِ والجوارحِ عندما أتت لحظة إخترقَ شعورُ غامضُ جسدهُ كلهِ .. مَرَّ شريط ذِكرياته فجأةَ على واقع رؤية توأمه التى لم تلِدها أُمه تُناديه من بعيدِ .. ذكّرته بأيام اللعب والجد والحب والألم والإخلاص والخيانة .. كانت مُتناقِضات تَضرُب فى عقله بكلماتها كأن إنفجرَ شلالُ من الذكريات أمام عينه .. رأى نفسه فى الماضى بعدما تعرّض لأسوأ أنواع الغدر وتحوّلَ لِجسدِِ بدون قلب وعقل .. كانت كلماتها بريئة تستعيدُ معه بعض الذكرياتِ ولكن واقعها عليه كان مختلفاً .. سار معها فى الحديثِ حتى إنتبه لكلماتها وهى تقول له " أنت كنت غريب زمان كنت بسأل نفسى فين عقلك وقلبك " عادَ إلى الوراء فى لحظات صمت مميتة يتعجب من نفسه ويتذكر لحظات الألم .. ثم قالت له : أما الآن " عينى عليك باردة " لقد تغيرت كثيراً وكان للسن أحكامه عليك ونَضُج عقلك .. فإبتسم لها حزيناً وقال لها " هكذا تفعل بنا الأيام " وعندما يُخلِص الفرد النية من عمل سىء يفتح الله له أبواب الخير .. قالت له " الحياة تأخذ منا العمر سريعاً .. مرَّت السنين فى تلك اللحظات العابرة وإسترجع ماتبقى من ذكريات وإبتسم فى صمتِ على نفسه .. إنطلقت هى فى هدوءِ وإنصرف هو الآخر يهتم بحاله .. وإستكمل حالة يومه على أوتار تلك الكلمات .."


" أرجوك عليك أن تتعلم كيف تعاملنى " .. بتلك الكلمات وجَهت له زوجتهُ آخر كلماتها قبل أن تمضى تاركةً إياه يُعانى مع أمراضه النفسية التى توراثها خلال سنوات عُمره .. ثارت عليه كما ثارت ذكريات ماضيه القابعة فى اللاوعى داخل عقله أمامه مُتسارعة مُتسائلة متشككة .. تَذَكّر كيف تحول لهذا المخلوق غير الإنسانى منذ بَدأ فى التعرف على رِفاق السوء فى صِغره وكيف كان يَتُرك نفسه تتجه نحو العدم بإستمرار .. مرت لحظات عقابه القاسية من أباه فى تلك السنوات اليافعة من عمره مستخدماً أسلوب العند لتكسير قواعد أباه التى يلقنها له نتيجة تلك القسوة .. وجد نفسه فى سنوات مضت بينَ حقارة الذات وانعدام الهدف .. يُنادى على نفسه المبعثرة فى الماضى التى كانت لا تريد ان ترتقى بِرُوحِها .. يسأل نفسه ماذا يعرف عن ذلك الجنس الآخر الذى يعيش معه على هذا الكوكب من ذلك الشارع الذى تُرِكَ به فى صغره محتقراً تلك المعلومات القميئة الشاذة الجنسية الحقيرة التى لا تُستعمل الا فى قانون الحيوان .. اصطدم بواقع حياة جديدة كشفت له سلوكياته التى زرعها لنفسه .. لحظات الألم اعتصرت عقله واحساسه .. انهمرت دموعه نادماً على ما اقترفه فى حق نفسه من اهمال ورعونة .. أسئلة حائرة فى دوران سرمدى داخل خلايا عقله التالفة محاولة لتنظيف العفن المتراكم عليها .. يتدارك نفسه قبل سقوطها ولكن لقد سقط بالفعل فى العدم .. ينظر فى مرآته يلقى بما حوله عليها تأخذه غيبوبة مؤقتة متمنياً ألا يفيق منها للأبد ،،،


صرخت فى وجهى مُلقيةً برصاصاتِ لا تُصد ولا تُرد ، زلزالُ هز أركان الكون من حولى لعلى أفيق من غيبوبتى ، وأجد طريقاً من بين تلك المتاهة التى وضعت نفسى فيها .. ثارتْ ثوران بركان نشط .. تُلقى بجحيمها وحممها الملتهبة على جسدى فُتحرق ما تبقى فىِّ من خلايا حية .. هاجمتنى بعنفِ لا أستطيع به إلا ان أرتد وأدافع كى أنتظر لحظة الهجوم عليها ولكنها إستمرت فى الهجوم أكثر حتى غِبت عن الدنيا فى دُموعِها المُنهمرةِ وكلماتها القاتلة .. شَعُرت وكأنى غائب عن هذا الكون وهذا العالم لمئة سنة ، وعندما عُدت وجدت كل شىء تغير .. تغيرت حبيبتى .. وتغير عالمى .. هل أنا الذى تغيرت ؟ هل فقدت الإحساس والإهتمام والحياة والعقل ؟ أترانى فعلاً ميتاً ثم حيييت فى عالم آخر ؟ أم أن اللامبالاة وعدم المسئولية هما سبب موتى وسقوطى ؟ أدركتنى برصاصة أخرى قاتلة .. قائلة : من أنت ؟ لست أنت الذى عرفته وأحببته ؟ من أنت ؟ أنت شخص غريب عنى .. أنت مخادع .. أنت مريض .. لقد كرهت الحياة معك .. دُموعها تسقط كشلال ينساب من القمر على الأرض فيروى تراب الأرض ويحييه .. هل تحولت لأحمق فاقد لكل عاطفة حتى مع نفسه الأنانية ؟ هل تخليت عنها كما تقول أم هى التى كانت تشك فى بإستمرار حتى أفقدتنى صدقى مع نفسى ؟ هل كذبة واحدة سبب فى جعل الحياة بيننا نار ملتهبة تشتغل وتنطفىء من حين لآخر ؟ لقد عرفت الواحدة تلو الاخرى وكنت أتركها ثم نعود وهكذا إستمرت حياتنا المنتهية منذ البداية .. هل أحببتها أم كنت أزرع وهماً لأحلل لنفسى جسدها ؟ لقد كرهت نفسى ولا أعلم من أنا لقد إنهارت قواى المتبقية للحياة .. أين أنا ؟ لقد رأيت الشر بداخلى وكنت أنُكره وأهرب منه ولكنى أحمق ضل الطريق .