الجمعة، 17 مايو 2013

مقالى الخامس - سلسلة إنسانيات - 17/5/2103
 
من أنت ؟ نعم أنت الذى تقرأ كلماتى الآن وينتابك شعوراً بالضيق عند النظر للمقال فتجده طويلاً يضيع منك 3 دقائق فى رحلة عبثك بالفيس بوك فتتردد أن تكمل القراءة أو تترك تلك الكلمات وتمضى لإستكمال عبث الفيس بوك ، سؤالى هذا ليست إجابته تعريف نفسك بإسمك وسنك وجنسك وخلافه من تلك الترهات الفارغة التى لا تغنِ ولا تسمن كونك لا تعرف من أنت فتلك فى حد ذاتها معضلة وجودية تنتهى بك إلى العبث فى كل حياتك حيث ستقضى حياتك بدون هدف واضح بدون دليل بدون معنى غير تلك المعانى الهاوية الساقطة التى تبعدك أكثر عن كونك إنسان مثل الوظيفة البيروقراطية المملة والزواج من أجل التكاثر والمتعة وبعض الملذات الأخرى ، يقول ممفورد " إذا تحول المجتمع إلى آلة كلية كبيرة تدار إدارة مركزية فإنه يصبح من المستحيل تقريباً تجبن الفاشية فى المدى البعيد للأسباب الآتية :
(-) يصبح الناس قطيعاً من الغنم ويفقدون القدرة على التفكير النقدى ويشعرون بالعجز ويصابون بالسلبية ويتطلعون لظهور زعيم يدلهم على ما يفعلون ويعرف ما لا يعرفون .
(-) يستطيع أى شخص تمكنه الظروف من الإمساك بالآلة أن يديرها ولن يكلفه ذلك إلا مجرد الضغط على الأزرار المناسبة وما أسهل على شخص متوسط الذكاء والقدرات أن يدير الآلة البيروقراطية بمجرد أن يوضع على الكرسى "
.. حضرتك من المفترض أنك فرد من أفراد وجماعات تحدد شكل وسلوك عام لهذا المجتمع إذا كنت خروفاً فى قطيع فسيكون مجتمع خراف وإذا كنت حراً تعرف نفسك وتحاول أن ترى الحقيقة بعين من التجرد والإنصاف فسيكون مجتمعاً ناقداً متقدماً تعلو مصلحة الفرد والجماعة فيه على مصلحة من يتحكمون بأموره .. عندما تتحدث وتنحاز إلى فصيل مجتمعى إلى درجة تصل إلى أن ينتهى الود والتواصل من أجل إختلاف فى الفكر فأنت عنصرى وإذا كنت ترى المسيحى أو اليهودى أو البوذى على درجة أقل إيماناً منك فأنت عنصرى وإذا كنت تنظر إلى الأنثى على أنها كائن ناقص فأنت عنصرى ، العنصرية هى أن ترى فى نفسك الأفضلية فى الإيمان والدين والجنس واللون والعرق على من يعيش معك على هذا الكوكب وهذه هى قمة السذاجة لأنك تخرج من إطار الإنسانية البشرية الواحدة التى خلقت جميعها على الأرض لترى فى نفسك مخلوقاً أعلى من الجميع بأى أفضلية تراها لنفسك سواء بدينك بلونك بجنسك متناسياً أنك وجدت لسبب ما .. ووجودك مع الحيوانات والحشرات والفيروسات ليست عبثاً ولكنه لسبب ولولاهم لما كنت موجود ولولا الطحالب لما كان كوكبنا به غاز الأكسجين الذى ساعد على تطور الكائنات وساعدك على الوجود ، أما الظاهرة التى دمرت الكوكب والإنسانية هى الحروب بإسم الدين والتعصب الدينى الذى لا نهاية له إلا الخراب والدمار من بداية التاريخ وهو أشد الأمور فتكاً بالصفة الإنسانية البشرية التى حُيينا بها ، يقول هيجل " إنه لا يجب أن يقتصر الدين على العقائد الجامدة ولا يجوز تعلمه من الكتب لا يجب أن يكون لاهوتياً بل بالأحرى أن يكون قوة حية تزدهر فى الحياة الواقعية للشعب ، أى فى عاداته وتقاليده وأعماله وإحتفالاته ، يجب ألا يكون الدين أخرويا ( متعلقاً بالآخرة بل دنيوياً إنسانياً وعليه أن يمجد الفرح والحياة الأرضية لا الألم والعذاب وجحيم الحياة الأخرى " ، الأديان شُرعت لتعريف الإنسان بنفسه وبحثه عن ذاته ووجوده على الأرض وإذا إختل هذا المفهوم إختلت الحياة على الكوكب وتاه الإنسان خارج نفسه وضل طريق وجوده وشقى وتعس ، لذلك الخطوة الأولى هو أن تبحث عن الإنسان فيك عن الضحكة عن البراءة عن الطيبة عن الجمال عن الحب عن الناس عن العطاء كل شىء بسيط  ، وستعرف حينها أنك إنسان .

هناك تعليقان (2):

  1. دعوة لاكتشاف النفس المجردة الحرة من القيود المجتمعية و العرفية و حتى الدينية اذا مسها التطرف.....مقال يثير خلايا العقل كى تفكر حقا..من أنا؟
    تحياتى.

    ردحذف
  2. المقال تثير الكثير من التساؤلات النفسيه والفلسفيه فى عمق الروح البشريه
    وأصدق ما يمكن أن تقدمه تلك المقال ، حس النفس على إيجاد مغزاها ..

    ردحذف